- ياض يا كمال .. يا زّفت !
= نعم ..
- أُقعد! قُولّي يا سِيدي ناوي تُدخل مدرسة إيه إن شاء الله ؟
= نويت يا بابا بإذن الله، وبعد موافقة حضرتك طبعًا، أدخل مدرسة المُعلِّمين العليا.
- المُعلِّمين العليا ! مدرسة المجّاني مِش كده .. بس لازم تعرف إن المدرسة دي من النادر إنك تلاقي فيها ولاد ناس طيبين، ثم إن مهنة المُعلِّم مهنة تعيسة وغير محترمة، هاتلي عيلة محترمة ترضى تجوِّز بنتها لواحد مُعلِّم؟!
= يا بابا أنا ...
- بقى فؤاد إبن جميل الحمزاوي البتدِّيله بدلك القديمة يدخل مدرسة الحقوق، وإنت عايز تطلعلي خوجة؟!
= العلم فوق المال والجاه يا بابـ ...
- كلام فارغ .. مش قادر أفهم إيه اللي مِش عاجبك في الحقوق .. مش بتخرج الكبرا والوزرا!
= أنا ما بحبش القانون يا بابا.
- إيه اللي دخّل الحب في العلم والمدراس؟ قولّي ياخويا، بتحب إيه في مدرسة المعلمين؟!
عايز أعرف إيه أمارات الحسن اللي فتنتك بها؟! ولا إنت من اللي بيحبوا الرمامة! اتكلّم!
= مدرسة المعلمين بتدرِّس علوم جليلة، زي تاريخ الإنسان الحافل بالعظات، وكمان بتدرِّس لغة إنجليزية.
- العلم في ذاته لا شيء، العبرة بالنتيجة، القانون حيوصَّلك لوظيفة محترمة، لكن التاريخ والمواعظ أخرتها حتة مُدرِّس بائس!
= في الواقع يا بابا، العلوم لها تقدير كبير في الأمم الراقية، النوابغ في أوروبا بيعملولهم تماثيل.
- اللهم طوِّلك يا روح! مالنا احنا ومال أوروبا! فيه في بلدنا تمثال اتعمل لمُدرِّس؟! إنت عايز وظيفة ولا عايز تمثال؟!
= أنا ما عنديش رغبة خاصة إني أكون معلم، لكن مدرسة المُعلِّمين الطريق الوحيد لثقافة الفكر.
- هاع .. كلمة الفكر دي جات في غنوة لعبده الحامولي: الفكر تاه اِسعفيني يا دموع العين. وإيه بقى ثقافة الفكر دي يا سيد أمك؟!
= البحث عن أصل الحياة ومآلها
- أصل الحياة يا روح أمك، آدم، ومصيرها الجنة أو النار، فيه حاجة تانية؟!
- قصر الشوق (1967)/ نجيب محفوظ.
يحيي شاهين
نور الشريف