التضامن الاجتماعي: ركيزة أساسية لتعزيز الصمود الوطني
بقلم: جمال زقوت
بات من الواضح أن الأولوية العليا أمام شعبنا، بالاضافة لاستعادة وحدة مؤسساته الجامعة، تتمثل في ضرورة بناء استراتيجية صمود طويلة الأمد. فانعدام أفق التسوية السياسية، سيما بصعود اليمين الفاشي في اسرائيل، وانشغال القوى العظمى في الصراع على مصير النظام العالمي وتداعياته، يؤكد أن الصراع الفلسطيني الاسرائيلي لا يحظي بأولوية الاجندة الدولية إلا لجهة اطفاء ما ينشب من حرائق، وترك شعبنا وحيداً أمام الاستفراد الاسرائيلي بمصيره وقضيته الوطنية.
في مواجهة هذا التشخيص يتموضع اتجاهان، الأول تمثله القوى الانقسامية المهيمنة على المشهد، حيث استراتيجيتهما تستند على مجرد البقاء باسترضاء الاحتلال، وكلاهما يشكلان وجهان لعملة واحدة، ليس في واردهما استعادة الوحدة و توفير مقومات الصمود في مواجهة المخاطر الداهمة.
في نفس الوقت فإن الاتجاه الذي ينادي بالوحدة والديمقراطية لإعادة بناء النظام السياسي، وترميم الضرر الذي لحق بالنسيج الاجتماعي، فما يزال جنينياً وغير موحد، وأمامه عمل شاق لبناء الحاضنة الشعبية التي تمكِّن من ولادته، كي يشق طريقه في الحياة العامة بالقدر الذي سيتحمل لمسؤولياته في استنهاض الطاقات الشعبية، والاستجابة لمتطلبات الصمود الشعبي في الميدان والصمود السياسي على الصعيدين الاقليمي والدولي، وفي نفس الوقت يصون بوصلة النضال الوطني والديمقراطي لتطوير عناصر القوة الشعبية التي طالما حصنت القضية الوطنية ورأسمالها الاساسي الوحدة في مواجهة الاحتلال.
العنصرية والوباء وغياب التضامن
كان من الممكن الاستفادة من الموروث الغني للتضامن الاجتماعي في مواجهة التداعيات الاقتصادية والاجتماعية الناجمة عن وباء كورونا، إلا أن السلطة اختارت السبل الفوقية التي رافقها الكثير من الثغرات، وغياب الشفافية التي أضرت بذلك الموروث الانساني النبيل والتجربة الغنية لدى شعبنا. كما أن بعض المبادرات الأهلية اتسمت بالاستعراضية المهينة للكرامة الانسانية خلال تقديم تلك المساعدات لمحتاجيها . وإذا دققنا اليوم بما تعرضت له بلدة حوارة والبلدة القديمة في نابلس وما يتعرض له مخيم جنين من اعتداءات يومية، ناهيك عما تتعرض له القدس المحتلة من هدم واسع النطاق للبيوت، و بمستوى اطلاق حملات للتضامن مع ضحايا هذه الاعتداءات، فإن الأمر يثير تساؤلات كبيرة ويؤشر إلى مستوى الضرر الذي ألحقه الانقسام ومخططات الاحتلال بوحدة النسيج الاجتماعي.